تلعب الموسيقى التصويرية المُتقنة لأي عمل درامي دورًا في إضفاء بعد جديد للعمل، كما تساعد على إبراز روح العصر أو الحقبة التي يركز عليها المسلسل باختيار أغنيات من نفس الفترة تماثل طبيعة العمل المقدم، لذلك لم يغفل صناع الدراما العربية توظيف الموسيقى المستقلة في أحداثها خصوصًا مع تزايد انتشارها السنوات الأخيرة، كونها أحد نتائج التغيير في العالم العربي في العقد الأخير.
تنوع توظيف الموسيقى المستقلة في الدراما وأخذ أشكال مختلفة، بعض هذه الأعمال اعتمدت على ظهور المطربين بأنفسهم لتقديم أغانيهم التي اشتهروا بها، سواء في حفل موسيقي أو حفل زفاف أو مناسبة اجتماعية، وهو ما حدث في مسلسل “فرح ليلى” التي ظهرت فيه المطربة التونسية غالية بنعلي لإعادة تقديم أغنية “يا مسافر وحدك” للموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب، وهي الأغنية التي اشتهرت بنعلي بتقديمها بشكل مميز.
روح شبابية
أما في المسلسل الأردني “مدرسة الروابي”، إنتاج منصة نتفليكس والذي يدور حول فتاة مراهقة تتعرض للتنمر في مدرستها الثانوية وتقرر الانتقام من المتنمرين، كان اختيار الموسيقى معتمدًا بصورة كبيرة على الموسيقى العربية المستقلة وهو ما تناسب مع تناول مواضيع شبابية جريئة، وكان من بين المطربين الذين اعتمد عليهم العمل مي وليد ويسرا الهواري وفرقة زائد ناقص الأردنية وفريق الراب الفلسطيني DAM ودعسوقة من مصر.
مكس عربي
فرقة دعسوقة كان لها النصيب الأكبر من خلال مسلسل ” البحث عن علا” إنتاج منصة نتفليكس، وهو الجزء الثاني من “عايزة أتجوز”، وفيه تبدأ علا عبد الصبور البحث عن نفسها وشغفها في الحياة بعد طلاقها، وهو ما كان سبب في الاعتماد على موسيقى متمردة ومختلفة، فظهرت أغنيات لفرق عربية مميزة منها جدل وهيجان وبابيلون ومن مصر دعسوقة ومسار إجباري، كما نوع العمل بين الشعبي ممثلًا في مهرجان حمو بيكا والكلاسيكي لأم كلثوم في ألف ليلة وليلة.
نوستالجيا بيمبو
في مسلسل “بيمبو” من إنتاج منصة شاهد، جذبت الموسيقى أسماع المشاهدين، اعتمد صناع العمل الذي تتميز أحداثه بطابع كوميدي أكشن وتدور حول ديلر شاب يساعد إحدى زبائنه في كشف سر اختفاء صديقتها، على موسيقى من فترتي الثمانينات والتسعينات والتي كان نجمها الأبرز حميد الشاعري، سواء من خلال أغانيه المنفردة أو تعاوناته مع مطربين آخرين مثل: هشام عباس وسيمون، وكذلك أشهر أغنيات علي حميدة وحسن الأسمر ومحمد فؤاد وهشام عباس الذي اُعتمدت أغنيته “شوفي” تتر النهاية في الحلقة الأخيرة للمسلسل، أما تتر البداية والنهاية في جميع الحلقات السابقة فكان بتوقيع مطرب الراب الشاب أبو الأنوار مع الاعتماد على موسيقى “شوفي” بشكل مختلف.
كما شهد المسلسل ظهور وزة منتصر وديزي ونوبي لتقديم أغنية “إيديكو فوق”، إلى جانب مشاركة كل من مطربي الراب ويجز وشاهين في بطولة العمل.
الأعمال الدرامية السابق ذكرها توضح كيف لعبت الموسيقى المستقلة دور كبير في جذب انتباه المشاهدين إليها، ودفع المستجدين منهم للبحث عن هذه الأغنيات والفرق والمطربين لتعرف أكثر على موسيقاهم التي جذبتهم، وهو ما يعني مصلحة مشتركة وخدمة متبادلة بين صناع الدراما والموسيقى المستقلة.