عادة لا يتفق الفنانون على رؤية واحدة لأعمالهم أو توجهاتهم الفنية، بعضهم يفضل النأي بالنفس بعيدًا عما يحدث في المجتمع، والتركيز على تقديم أعمال ذاتية تعبر عن تجاربهم الشخصية، جزء آخر لا يخشى الاشتباك مع القضايا المجتمعية، يحاول التعبير عنها بطريقته الخاصة، لا يفكر في الآراء المناهضة ما دام صادقًا مع نفسه ويلعب دوره بالطريقة الأنسب له. مؤخرًا ومع عصر السوشيال ميديا، تعقد الأمر وأصبح عسيرًا على الفهم، لم نعد نعرف إن كان الفنان صادقًا بالفعل ويريد التعبير عن آرائه وأفكاره وأن يكون له دورًا فاعلًا في المجتمع أم أنه يرغب في الاستفادة من الترند وحديث الرأي العام حتى لو عن طريق إثارة اللغط.
عالم المهرجانات الشعبية الرائج على الساحة الفنية منذ أكثر من ١٠ سنوات لم يبتعد عن هذه الثنائية، نجومه أيضًا منقسمون حول موضوعات أغانيهم، بعضهم يفضل الغناء عن غدر الأصدقاء والحارات الشعبية وقصص سكانها، وآخرون يفضلون القصص الواقعية، موزع المهرجانات أبو الشوق ينتمي للمدرسة الثانية، وهو أحد أكثر المستفيدين خلال السنوات الماضية من تقديم أغاني مستوحاة من قصص حقيقية كان آخرها مهرجان ضحية المنصورة، والذي قدمه على جزئين، تناول المهرجان الأول قصة نيرة أشرف التي قُتلت على يد زميلها بكلية الآداب محمد عادل على مرأى ومسمع من الناس أمام بوابة الكلية، القضية التي شغلت الرأي دفعت أبو الشوق لتقديم مهرجان حزين يصف فيه جنون الحب وما يمكن أن ينتج عنه، وهو ما نجح في جذب الأنظار للمهرجان الأكثر رواجًا وسط قائمة الأغاني التي تناولت القضية.
المهرجان الثاني يحكى قصة الشاب مصطفى توكل الذي انتحر من أعلى كوبرى جامعة المنصورة، وخلاله وجه أبو الشوق رسالة عن الانتحار الذي أصبح آفة العالم اليوم، لم ينسَ أبو الشوق أن وراء الانتحار قصص لا نعرف عن أصحابها شيئًا، لذا حاول أن ينصح الشباب بطريقته، يدعوهم إلى إعادة التفكير في قيمة الحياة مرة أخرى لأن لا شيء يستحق إنهاء الحياة من أجله. رغم أن بعض كلمات الرسالة والمهرجان غير صحيحة أو موفقة وأسلوبها ركيك ولغتها ضعيفة لكنها مع ذلك تكشف عن حسن نية أبو الشوق ورغبته في تقديم النصح ومساعدة الشباب.
مهرجان ضحية المنصورة بجزئيه لم يكن المرة الأولى التي يستوحي فيها أبو الشوق موضوعات المهرجانات من الواقع، القصص الحقيقية عادةً ما تلفت انتباهه وتشغل مخيلته ويزيد معها إنتاجه، سبق وقدم مهرجانات عن قصص حقيقية تعتمد على توجيه النصح، مثل: اليتامى، قصة السواق والغني المفتري، جنون الحب، ضحية مخدرات، خانوا العشرة وغيرها من المهرجانات التي يحرص على كتابة أنها مستوحاة من قصص حقيقية في عنوانها، حتى أن بعضها لا يحمل أسماء بل عناوين تشويقية عن محتوى المهرجان.
قناة أبو الشوق الذي يطلق على نفسه زعيم ميكانيكا الفن، يتابعها أكثر من ١.٧ مليون مشترك على موقع يوتيوب، وعدد مشاهداتها تجاوز ٤٠٤ مليون مشاهدة، وهو ما استفاد منه في إطلاق قناة أخرى خصصها للايف والمقالب والإعلانات التشويقية للمهرجانات، بخلاف عدد مرات الاستماع لمهرجاناته عبر منصة أنغامي والذي تجاوز ٧ مليون استماع.
نسب المشاهدة والاستماع الضخمة لأبو الشوق ترجع بصورة كبيرة لتركيزه على الترند والموضوعات الرائجة، اختياره للعناوين التي تجذب شريحة معينة تفضل هذه النوع من القصص التي تلعب على مشاعرهم، والألحان التي تبكيهم حتى لو كانت مكررة، والكلمات التي تشبه حديثهم، على سبيل المثال لا الحصر ترافق مهرجانات أبو الشوق عناوين من نوعية: الأغنيه الرومانسيه التى أبكت العالم، المهرجان اللي العالم كله بيدور عليه، قصة حقيقية فشيخة، كليب هيكسر مصر بجد، هيقلب ديجيهات مصر في العيد، قصة حب حقيقية بجد، مكتسح تيك توك.
محاولات أبو الشوق للعب دور قيادي ونُصح الجمهور الذي يتابع أعماله بالملايين تستحق الإشادة، خاصةً وأن أغلب مهرجاناته تبتعد عن استخدام مصطلحات خارجة أو التركيز على صورة الفنان البلطجي، لكن ما يعيب هذه المهرجانات حتى ولو كانت النية ورائها حسنة إلا أنها لا تقدم جديدًا يُذكر، وتعتمد على تكرار نفس الحالة والأسلوب والألحان والتوزيع، وتنتهي دائمًا بتحية صناع المهرجان حتى لو كانت أجواء المهرجان حزينة ولا تسمح بذلك.
يبقى أن نشير إلى أن المهرجانات الشعبية أصبحت أمرًا واقعًا ورواجها يُحتم دراسة عالمها ونجومه ومحاولة تطويره إن أمكن.